1. Home
  2. /
  3. الاخبار
  4. /
  5. الوطنية والدولية
  6. /
  7. “نختار من ننقذ”.. رسالة...

“نختار من ننقذ”.. رسالة طبيبة غربية من مشفى عراقي تكشف هول مأساة كورونا

زوعا اورغ/ وكالات

كشفت أوريلي غودارد الطبيبة المسؤولة عن العناية المركزة في منظمة أطباء بلا حدود، في أحد مشافي بغداد، قسوة الأوضاع الطبية في العراق بسبب جائحة كورونا مع تجاوز عدد الإصابات حاجز المليون.

وفي رسالة وصلت إلى موقع “الحرة”، عبرت غودارد، عن الحيرة التي عاشتها أمام خيارات “أُجبرت” على اتخاذها لمحاولة إنقاذ من هم أصغر سنًا بين المصابين بعدوى فيروس كورونا المستجد في أحد المستشفيات العراقية.

وبينما قالت غودارد إن الأسرّة في المستشفى وصلت الحد الأعلى من طاقتها الاستيعابية، أكدت أن تلافي الأزمة كان ممكنًا لو حصل المرضى على اللقاح المضاد.

وفي رسالتها عبرت غودارد عن قلقها بشأن من تنقذ أولًا من مرضى المستشفى الذي تعمل به في بغداد، وتقول “نحن الآن نختار من نُخرج من غرفة الطوارئ. فلدينا على الدوام ما بين ستة إلى عشرة أشخاص على أجهزة (ضغط المجرى الهوائي الإيجابي)، وهو نوع من أجهزة التنفس (..) في قسم الطوارئ بانتظار أن يفرغ سرير في وحدتنا الممتلئة بشكل دائم”.

وأضافت أنه “هناك دائماً ما لا يقل عن ستة أشخاص بانتظار سرير، وليس عندي مكان آخر أرسلهم إليه”.

وبحلول يوم الأربعاء، تجاوز العراق عتبة مليون حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، وهي الحصيلة الأعلى في العالم العربي يسجلها البلد الذي يعيش فيه ما لا يقل عن 40 مليون نسمة، ويعاني منذ عقود نقصًا في الأدوية والطاقم الطبي والمستشفيات.

وبحسب وصف غودارد، فإن الطبيب بالتالي يجد نفسه “مضطراً للاختيار”. وتتابع “هي ليست كلمة لطيفة، لكن ذلك ما نفعله. تكون أُسر المرضى بجانب السرير وهم يرونك تأخذ مريضاً آخر إلى الوحدة وقد وصل بعدهم. لكنهم يفهمون جيداً أننا إذ لم نأخذ المريض خاصتهم فذلك ربما لأننا لا نعتقد أنهم سينجون. ليس أمامي خيار آخر، لأني لن آخذ امرأة مسنة في السابعة والسبعين من العمر وأترك رجلاً في الأربعين من عمره على النقالة”.

وتعبّر غودارد عن حالة من الحيرة المؤلمة المرافقة للحاجة الملحة إلى التصرف لكل من يقف في مكانها، وتقول “لكني لا أعرف دائماً من آخذ. أول أمس، كان لدينا امرأة في الثالثة والثلاثين، كانت قد أُدخلت المستشفى وهي حامل. عندما وصلت كان الجنين ميتاً لأنه كان لديها نقص كبير في الأكسجين. وتوفيت المرأة في أقل من 24 ساعة، بالرغم من أننا أدخلناها مباشرة، إذ لم تُمض في غرفة الطوارئ سوى خمس دقائق”.

وبينما تجاوزت الإصابات بالعراق حاجز المليون، رصدت البلاد ما لا يقل عن 15098 وفاة على أراضيها بسبب المرض، وفقا للأرقام الرسمية.

وتلفت غودارد في رسالتها إلى حالة تعود لامرأة أخرى كانت تنتظر لسبعة أيام في قسم الطوارئ، “وقد أدخلتها إلى اليوم إلى الوحدة لأنها بدأت تتحسن. كان هناك آخرون قد أُدخلوا قبلها لأنها في السادسة والستين من العمر. اعتقدت أنها ستموت في بضعة أيام. كان لديها خطا أكسجين متصلان بكمامتها، وكانت متصلة بجهاز (ضغط المجرى الهوائي الإيجابي) على مدار 24 ساعة في اليوم، لذلك تظن أنها لن تعيش ليوم آخر”.

وتتابع “في اليوم التالي كانت مازالت على قيد الحياة ووضعها يتحسن. ثم مضت 24 ساعة أخرى، ووضعها يتحسن أكثر. أما الآن فهي ليست على ما يرام لكني أعتقد أنها ستنجو”.

وتقول وزارة الصحة العراقية إنها تجري ما لا يقل عن 40 ألف فحص للكشف عن الإصابة بكورونا يوميا.

وعبرت غودارد عن صعوبة ما شهدته، لا سيما وأن بعض ضحايا الوباء كانوا لا يزالون في سن الشباب، حيث كان هناك خلال فترة خدمتها بالمستشفى أشخاص بعمر 19، و21، و33، وقد توفوا. “وحينها كان أصغر شخص في الوحدة فتاة عمرها 17 عاماً وهي على جهاز (ضغط المجرى الهوائي الإيجابي). في السابعة عشرة من العمر!”.

وتشدد غودارد على أنه من الصعب حقاً ألّا “تختار” المريض المناسب، و”ألّا تعرف من حقاً لديه فرصة، وبالتالي لمن عليك أن تقدم وقتاً وطاقة”.

وتقول غودارد إنه خلال الموجة الأولى حيث تعمل كان أصغر مريض يبلغ من العمر 38 عاماً. وتحسن وضعه وغادر المستشفى بعد بضعة أيام. أما الباقون فكانوا في حوالي الستين من العمر، وتقول إنهم “هم ليسوا مسنين، لكنهم لم يكونوا بعمر 17 أو 19 أو 21 أو 33 أو حاملاً بجنين. هو وضع غير طبيعي”.

ويرى موظفو منظمة أطباء بلا حدود أنه يجب اعتبار العراق أولوية عالمية عند مكافحة الوباء، لأنه يوجد بها نحو 1.4 مليون نازح داخليًا داخل البلاد، يعيش الكثير منهم في خيام مؤقتة حيث يستحيل التباعد الاجتماعي.

وتصف غودارد الطريقة التي يكافح فيها بعض المرضى لسحب أنفاسهم، وتصفها بأنها “كما لو أنك بلعت بعض الماء وأنت تعوم في المسبح. تخيل أن تعيش بذلك الوضع لمدة أسبوع كامل – أو حتى أكثر لدى بعض الناس”.

وتصف الطبيبة الحالة التي باتت بعض العائلات تعيشها بسبب مرض ذويهم، وقالت “أما الأسر الجالسة بجانب السرير فيكونون مشدوهين إلى الرقم الدال على مدى تشبع أحبائهم بالأكسجين. تنظرُ للرقم وتعلم أن الأمر لا يسير على مايرام عندما ينخفض”.

وتتابع “مع ذلك ترى في أعينهم في الوقت ذاته الكثير من القلق والكثير من الأمل عندما يُرونك صورة أخذوها خلال الليل عندما وصل الرقم إلى 95 أو 97، وهم سعداء جداً، وأنت تعلم أن تلك الإشارة قد تكون مجرد إشارة خاطئة!”.

ووفقا لغودارد، فإن كل مريض يستهلك “40 لتراً من الأكسجين في الدقيقة وسطياً، وهي كمية كبيرة. ونقوم يومياً بإعادة ملء خزانات الأكسجين السائل في المستشفى التي تتسع لـ 4,000 ليتر”.

وتؤكد غودارد أن ما شهدته لا يعتبر سوى جزءا بسيطا من جائحة باتت تعصف ببلد قطاعه الصحي منهك، وليس في أفضل أحواله ليواجهها، وتتابع أن “كل ذلك، ونحن مجرد مستشفى واحد. نحن نشكل قمة جبل الجليد وليس لدي فكرة عما يحدث في بيوت الناس وفي المجتمع. ليس عندي فكرة. ما نقوم به هو مجرد قطرة ماء في المحيط”.

وتردف أن “الأمر صادم حقاً، والناس الذين يموتون الآن هم من كان يمكننا أن نحول دون موتهم باللقاح. وما يثير الغضب أكثر هو رؤية شباب يموتون من شيء كان يجب أن يكون تحت السيطرة من خلال اللقاح، جزئياً على الأقل”.

وتم رفد العراق بنحو 650 ألف جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد، تسلم معظمها عن طريق آلية كوفاكس الأممية.

وحتى الأربعاء، بلغ عدد من تلقوا اللقاح من العراقيين 274,343 شخص، بحسب أرقام قدمتها وزارة الصحة.

وتلفت غودارد إلى أن حملات التطعيم في البلاد بدأت “للتو فقط وببطء، بينما مضت أسابيع عديدة فعلاً منذ أن وصلت الموجة الثانية من المرض إلى العراق. والموجة الأولى لم تكن موجة فقط، بل هضبة فظيعة لعدة أشهر. لذلك فجهود التطعيم هذه مازالت في طورها الأول الذي بدأ للتو، وتناشد غودارد في رسالتها بتعزيز جهود التعطيم ضد الوباء، قائلة إنه “ينبغي أن يتم بشكل عاجل وعلى نطاق واسع”.

“لا أقول إنه كان من الممكن أن يكون الجميع قد طُعِّموا الآن، لكن إمكانية الحيلولة دون الوفاة باتت أكبر. هذا الوضع، مضافاً إلى كل شيء آخر أراه هنا، يزيد من مشاعر اليأس لدي”، ختمت غودارد رسالتها.

ودفع الارتفاع الحاد في عدد الحالات وزارة الصحة إلى إصدار “تحذير خطير” في بيان يوم أمس الخميس، قائلة إن “الزيادة ترجع إلى التراخي بين العراقيين الذين ينتهكون الإجراءات الوقائية”.

وقال البيان إن الالتزام العام تجاه تدابير الوقاية من الفيروس “شبه معدوم في معظم مناطق العراق”، حيث نادرا ما يرتدي المواطنون الكمامات، ويستمرون في إقامة التجمعات الكبيرة.

 

zowaa.org

menu_en