1. Home
  2. /
  3. الاخبار
  4. /
  5. اخبار شعبنا
  6. /
  7. عشرون عاما على رحيله...

عشرون عاما على رحيله .. الاب يوسف حبي مازال مستاثرا  بذاكرة  اهل الموصل

زوعا اورغ/ عنكاوا كوم-سامر الياس سعيد

عشرون عاما تمر في الخامس عشر من هذا الشهر على رحيل العلامة الاب يوسف حبي ومازال يستحوذ على ذاكرة اهل الموصل نظرا لعمق العلاقات التي عقدها مع  نخب المدينة ..وفي مقال موسع استذكر البروفيسور ابراهيم العلاف  علاقته مع الاب حبي  ابرز فيها تعارفه الشخصي الاول مع هذه الشخصية مشيرا الى انه منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي، تعرفت على ألاب الدكتور يوسف حبي رحمه الله في كنيسة الكلدان في محلة المياسة ،والتي كانت تسمى كذلك ب (البطركخانه)وهي مقر المطرانية في الموصل، وله في هذه الكنيسة غرفة أنيقة تزينها مكتبة كبيرة تضم الكثير من الكتب والمصادر، وقد وجدته إنسانا فاضلا، ومثقفا واعيا مدركا لكل مايحيط به ..له آراء متفردة في الكون ،والإنسان، والمجتمع، والحياة، ومما يفرح انه كان يعبر عن تلك الآراء بكل وضوح وصراحة وذلك من خلال حواراته مع الآخرين، أو من خلال وسائل النشر المتاحة وفي مقدمتها( مجلة بين النهرين) التي كان يرأس تحريرها ويكتب مقالاتها الافتتاحية ،ويرعاها رعاية خاصة وكان من دلائل هذه الرعاية أمران: أولهما أنها كانت منفتحة على كل التيارات الفكرية. وثانيهما أنها كانت منتظمة في الصدور وهذا ما نفتقده اليوم فيها .

كان له فضل علي ، وذلك من خلال مساعدته لي في ترجمة النصوص الفرنسية التي كنت احتاجها في دراستي للماجستير، وكنت أزوره في مقره، وفي بيته ..وتوثقت علاقتنا، عندما انتدب للتدريس في أواسط السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي ولمدة 5 سنوات(1975-1981 ) لتدريس اللغة الفرنسية في قسم اللغة الانكليزية بكلية الآداب –جامعة الموصل ،فكنا نلتقي يوميا في (كافيتيريا) الكلية مع بعض الإخوة من الأساتذة،كما دعاني إلى المشاركة في تحرير مجلة بين النهرين.. وقد أسهمت للمدة من 1973 وحتى 2002 بكتابة قرابة 15 بحثا ودراسة في اختصاصي التاريخ الحديث نشرت كلها .وقد استطاع استقطاب عدد كبير من الباحثين وأساتذة الجامعات العراقية للكتابة في المجلة ويرجع السبب في نجاحه في هذا الاتجاه إلى اخلاقه وطيبته وثقافته العالية واريحيته الكبيرة ، وابتسامته الودودة .

وللأسف ضعفت لقاءاتنا ،عندما نقل إلى بغداد سنة 1990 لتسلم عمادة كلية بابل للفلسفة واللاهوت فيها ..وأتذكر أننا التقينا اللقاء الأخير بعد انتهاء مؤتمر عقد في الكلية المذكورة بين 3و7 مايس-مايو سنة 2000 بعنوان :” وجه الله “أسهم فيه نخبة من علماء الدين المسلمين، ورجال الدين المسيحيين  ويضيف العلاف بانه لم يكن يعرف بان اسمه الحقيقي فاروق بن داؤود يوسف حبي ، واسمه الكنسي يوسف حبي إلا بعد أن ترشح في انتخابات المجلس الوطني في الثمانينات من القرن الماضي . وقد صعقت عندما سمعت بما تعرض إليه من حادث سير على طريق بغداد – عمان أودى بحياته يوم 15 تشرين الاول -اكتوبر سنة 2000 .

ولد في الموصل في 23 كانون الأول –ديسمبر سنة 1938، من عائلة مسيحية موصلية عريقة ،وانتمى بعد إنهائه الدراسة الابتدائية في مدرسة كنيسة مار يوسف بمحلة القلعة ثم في مدرسة الطاهرة في شارع النبي جرجيس ،ثم دخل إلى المعهد الكهنوتي البطرياركي في الموصل (شمعون الصفا ) ،وأكمل دراسته الدينية فيه، وسافر إلى روما سنة 1954 وحصل على الدبلوم في الإعلام من جامعة بروديو سنة 1962 والدبلوم في العلوم الاجتماعية من معهد جيسك سنة 1966 والليسانس في الفلسفة من الكلية الاوربانية المعروفة ب “بروبغندا ” والماجستير في الفلسفة ثم الدكتوراه في القانون الكنسي من جامعة اللاتران سنة 1966 .

كان الأب الأستاذ الدكتور يوسف حبي ، أحد مؤسسي مجلة بين النهرين ورئيس تحريرها منذ صدورها سنة 1973، وقد اختير لسمعته العلمية عضوا في المجمع العلمي العراقي، وكان من الخمسة المؤسسين لمجمع اللغة السريانية في الثاني من تشرين الأول –أكتوبر سنة 1972 ، ولنشاطه واهتماماته بالتاريخ العراقي القديم ، منحه اتحاد المؤرخين العرب عضويته .هذا فضلا عن انه كان عضوا في المعهد الشرقي في روما ،وعضو شرف في مجامع عربية وعالمية وهو أحد ثمانية منظمين للمؤتمرات الدولية للدراسات العربية والسريانية.كما انه عضو في اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، وعضو نقابة الصحفيين، وعضو الجمعية الفلسفية العراقية، وعضو الجمعية الدولية لتاريخ الطب في باريس منذ عام 1982 .

له مئات المقالات والدراسات والبحوث المنشورة في مجلات موصلية وعراقية وعربية وعالمية وبالغات العربية والسريانية والفرنسية والانكليزية والايطالية .وله كتب منشورة ومخطوطة وقد رصدت الكثير من تلك المقالات والدراسات التي لايتسع المجال لعرضها وكان ينشر في مجلات عديدة منها مجلة بين النهرين، ومجلة آفاق عربية، ومجلة المورد، ومجلة نجم المشرق، ومجلة المجمع العلمي، ومجلة الفكر المسيحي . من كتبه المنشورة:

1.حنين بن اسحق1974

2.طريق الفرح (مترجم ) 1970

3.علوم البابليين (مترجم ) 1980

4.الإنسان في أدب وادي الرافدين 1980

5.كنيسة المشرق 1989الجزء الأول وقد أنجز الجزء الثاني قبيل رحيله .

6.تواريخ سريانية(تحقيق )1983

7.تاريخ ايليا برشينابا

8.الدلائل لحسن بهلول (تحقيق )

10.فهرس المؤلفين لعبد يشوع الصوباوي (تحقيق ) 1986

11.قطوف من مهرجان حنين

12.رحلة اوليفييه الى العراق 1984

13.ملحمة الثمانين (شعر )

14.نيران الشعر

15.خلجات خواطر

16.نشوة القمم (خواطر )1996

17.دراسات إنجيلية

18.جوامع حنين بن اسحق في الآثار العلوية

19.كنائس الموصل 1980

20.كتاب المولودين لحنين بن اسحق (تحقيق)1980

وله كراريس تعريفية بدير الربان هرمزد ،وكنيسة الطاهرة ،ودير ماركوركيس ،ودير مار ميخائيل .

ليس من السهولة حصر مقالات ودراسات الأب الدكتور حبي لكن لابأس من أن نورد عناوين عدد منها وخاصة في مجلة بين النهرين منها على سبيل المثال مقالاته الموسومة :العمل والعمران في أدب وادي الرافدين، وملامح ثقافية خليجية حتى القرن السابع الميلادي، والنشر العربي المسيحي في العراق 1856-1980 ،والتاريخ حق والحق أسمى ،وأقدم كنائس العراق، وأبرشية نوهدرا ،ومصادر القانون في كنيسة المشرق، والتراث والإنسان، والرها مدينة افرام ومدرسته، ووزراء وكتاب مسيحيون في القرنين السابع والثامن الميلاديين، والمفهوم الأبوي للرئاسة في كنيسة المشرق، وإسهام السريانية في الحضارتين العربية والعالمية، والتاريخ أعظم مدرسة، والتراث عمل مشترك، ولا حياة بدون تاريخ، ومار بهنام بين القصة والحدث، والتاريخ والمعتقد، وأصول التاريخ ومصادره ،وحوار الثقافات، والسلطة خدمة، ومن نحن؟ ، وتاريخنا وتراثنا، ومطبعة الآباء الدومنيكان واكليل الورود، ومسيرة العرب الأوائل في ميدان النحو ،وكنيسة مسكنتا في الموصل، وإنسان كلكامش ،والتراث ركيزة البناء والتقدم، والبطريرك يوسف اودو ،وخصوصية فكرنا القديم :نظرة انسانية متزنة، والمرأة في الشرائع العراقية القديمة،ومخطوطات تلكيف، والتراث العلمي العربي، وأصالة تراثنا ،والطباعة العربية في ايطاليا من القرن 16 حتى القرن 19 ،والعراق يصد هجمات الفرس في القرن الثامن عشر، وكنيسة المشرق بين الأصالة والتشتت، والفكر ينقصنا أم ماذا ؟ والسلحفاة والارنب في عصرنا، وتكريت ومدرستها في القرنين السادس والثاني عشر الميلاديين، وفي ذكرى ابن العبري 1286-1986 ،ولقاء الفكر والقلب والحياة .

كان الأب الدكتور يوسف حبي، إنسانا متحررا من القيود الكنسية الصارمة، وقد وجدته مهتما بالقران الكريم ويقتني معظم تفاسيره ،ويحاول باستمرار من خلال أحاديثه وكتاباته أن يستشهد بآياته، ويجري مقارنة مع ما وجده في الكتاب المقدس.. وكان يحب العراق ،ويتمتع بحس وطني عال جدا..وكان يدعو باستمرار إلى البناء، ومقاومة الهدم ويقول: ” لأتهدم بل ابن دوما “. كما كان يؤكد في كل أعماله وكتاباته على أن الإنسان الحق هو من يدرك أصوله وخصائصه وهدفه وبقدر ما تكون الأصول عميقة، والخصائص متنوعة، والأهداف بعيدة بقدر ذلك يتطلب الأمر فكرا وطاقة وهمة وكان يتساءل وهل أغنى من التراث واهم من تاريخ الإنسان وأعمق من أصول حضارة العراق بلد مابين النهرين واشد تنوعا وأسمى تطلعا ؟ وقال جوابا على تساؤله أن العالم يهتم بتاريخه، وتراثه، وحضارات الأمم لذلك لابد لنا كعرب وكمشرقيين أن نعمل من اجل اعتماد أسس واضحة وثابتة ،وهذه الأسس هي وحدة تراثنا وتاريخنا وجماعية العمل والهدف في نهاية الأمر الكشف عن تراثنا وحضارتنا وبلدنا العراق ولابد من أن يكون العمل من اجل خير الإنسانية وتقدمها .

ارتبط الدكتور حبي، بصلات واسعة مع مجايليه من الباحثين والمؤرخين والكتاب والشعراء ،وكان مهتما بالفكر وبالثقافة البناءة، وذلك لان الثقافة بنظره سلطة معرفية وقوة عظمى .

لقد خدم الاب الدكتور يوسف حبي الفكر والتراث والثقافة العراقية والعربية بكل جد واخلاص ،ولم يكتف بالتركيز على الاضافات النوعية لحضارة مابين النهرين الى الحضارة الانسانية وانما ركز على القيم الايجابية في تراثنا وتاريخنا وحضارتنا ولاسيما قيم الخير والتسامح والسلام والمحبة .والعمل والاخلاص والحكمة والتواضع والايثار والاحترام .

zowaa.org

menu_en