1. Home
  2. /
  3. الاخبار
  4. /
  5. الوطنية والدولية
  6. /
  7. شهادة أسقف عن صديقه...

شهادة أسقف عن صديقه الأب الشهيد رغيد كني: بالنسبة لي هو بطل وقدوة ومصدر إلهام

زوعا اورغ/ وكالات

بمناسبة الذكرى الثالثة عشر لاستشهاد الأب رغيد كني، ورفاقه الشمامسة وحيد وبسمان وغسان، بتاريخ 3 حزيران 2007، نشر موقع البطريركيّة الكلدنيّة الإلكتروني شهادة أسقف إيرلندي يدعى ألفونسوس كولينان، خلال ترؤسه القداس الإلهي يوم الأحد الموافق 3 أيار 2020.

“لقد سمعنا للتو للنص الإنجيلي عن يسوع الراعي الصالح. وأتذكر أنني سمعت عظة عن هذا الإنجيل قبل 17 عامًا ألقاها صديق لي اسمه الأب رغيد كني، من العراق، وذلك حينما كنا طلابًا بالمعهد الحبري الإيرلندي في روما. الأب رغيد كان شخصًا فرحًا حيث أن الابتسامة لم تكن تفارق وجهه البشوش أبدًا. كما كان ذكيًا ومجتهدًا. وكان يتقن عدة لغات، بما في ذلك بعض كلمات إيرلندية.

لا أنسى ما ذكره في عظته في صباح ذلك الأحد. فقد سرد لنا قصة واقعية وشخصية عن كيف أمضى يومًا مع راعٍ في منطقة ريفية بالقرب من مدينته الموصل، شمال العراق. فقد شاهد الأب رغيد كيف يرعى الراعي قطيعه. ولاحظ كيف كان الراعي قد أطلق اسمًا على كل خروفٍ من قطيعه. كما كان يطلق صفيرًا محددًا حسب الموقف لقيادة قطيعه. وهكذا كان بإمكان الراعي قيادة قطيعه نحو اليمين والشمال، وتوجيهها بالابتعاد عن المخاطر، وما إلى ذلك. وحينما كان القطيع يستقر في مكان ما، يرعى بفرح. وأضاف الأب رغيد بأنه حاول تقليد نداء الراعي، ولكن الخراف لم تعير اهتمامًا بنداءاته. فهم قد اعتادوا على صوت راعيهم الحقيقي، وهو في تلك الحالة لم يكن راعيهم. وحينما حلّ الليل دخلت الأغنام إلى حظيرة مبنية من الحجر أو الخشب، قال الراعي بأنه يقضي ليله بالضبط عند مدخل أو بوابة الحضيرة كي يحمي بجسده الخراف من المخاطر التي قد تواجهها. لقد تعلم الأب رغيد الكثير في ذلك اليوم عن الرعاة والخراف.

كان ذلك بمثابة تهيئة له ليعيش ظروفًا مأساوية ويبذل ذاته في سبيل رعيته، على مثال الراعي الصالح يسوع. فحينما وقع الغزو المؤسف للعراق سنة 2003، كان لا يزال الأب رغيد في روما وكان أمامه خيارين: إما البقاء بأمان في روما، أو العودة إلى بلاده ليواجه كل المخاطر؟! لذلك صلى، ملتمسًا الله بأن يرشده للعمل حسب مشيئته! وجاء بالنهاية قرار الأب رغيد بالعودة إلى العراق. «العراق هو موطني. لهذا المكان أنتمي. هذا هو مكاني». بهذه المشاعر عاد الأب رغيد لوطنه.

وبدء بخدمته الكهنوتية لأبناء رعيته محتفلاً بالأسرار الكنسية المقدسة، وواعظًا لكلمة الله، ومعزيًا للناس، وزائرًا للمرضى رغم كل الأخطار والتهديدات. وقد كان ممتنًا جدًا حينما أرسلت له بعض نيات القداديس الإلهية مع حسناتها. ومن جانبه، بعث لي بعض الصور التي تظهر كيف تعرضت كنيسته للقصف. وأكد لي بأن الرعية بلا راعيها تتشتت وتضيع.

كان آخر قداس إلهي احتفل به الأب رغيد هو يوم الأحد الموافق 3 حزيران 2007. فبعد أن ناول أبناء رعيته جسد ودم الربّ يسوع المسيح، أعطى دمه لقطيعه. فقد كان بانتظاره، مباشرة بعد القداس، هو وثلاثة من شمامسته مجموعة من المسلحين المتطرفين الذين قاموا برميهم بوابلٍ من الرصاص، وأردوهم قتلى على الفور. وهنا أريد أن أضيف بأن هؤلاء المتطرفين لا يمثلون بأي حال جميع المسلمين.

الأب رغيد بالنسبة لي هو بطلٌ، وقدوةٌ، ومصدرُ إلهامٍ. كلنا بحاجة إلى أبطال.

اتخذ الأب رغيد بدوره الرّب يسوع المسيح الراعي الصالح كمثال أعلى للبطولة، الذي آمل أن يكون بطلي أيضًا. عرف الأب رغيد يسوع، وعرفه يسوع، وطلب منه أن يعيش دعوته الكهنوتية بطريقة خاصة. يعرف يسوع كل واحدٍ منا، ويدعونا بأن نكون عظماء، وأن نبذل حياتنا، واضعين ثقتنا الكاملة به. فليسأل كل واحد منا ذاته: هل فعلاً أثق بيسوع؟ وهل أنا على استعداد بأن أترك كل شيء، وأحمل الصليب كل يوم واتبعه، مطبقاً دعوته لي؟ الرّب يسوع يحبنا، ولا ينظر إلى خطايانا أو يديننا. إنه يحبنا. ويرى أنه بإمكان كل واحد منا أن يفعل أشياءً عظيمةً، مبتدئًا بتغيير ذاته لتغيير العالم. أليس واضحُ حبه لنا حينما ننظر إلى الصليب؟ بمجرد إلقائك نظرة على أناملك ستلاحظ دوائر مطبوعة على كل أصبعٍ من أصابعك بطريقة فريدة خاصة بك فقط. أليس مذهلاً بأن كل واحد منا فريد لدى الله، وأنه يحبه حبًا جمًا؟!

يريد الله أن نكون قريبين منه ونحبه ونحب الآخرين كحبنا لذواتنا. كما يريد منا أن نفعل أشياء عظيمة. وللقيام بذلك ليس بالضرورة الذهاب إلى أقاصي الأرض، وإنما يمكننا تحقيق هذا الهدف حيث نعيش، في منازلنا وبين أفراد عائلاتنا، وفي أماكن عملنا. فالدعوة ببساطة هي أن يكون كلٌ منا إنساناً صالحًا وقديساً، وأن يعلن بشارة إنجيل يسوع المسيح للآخرين، ويقبل بأن يقود الروح القدس حياته…”.

zowaa.org

menu_en