1. Home
  2. /
  3. الاخبار
  4. /
  5. الوطنية والدولية
  6. /
  7. العراق.. سياح يستكشفون البلاد...

العراق.. سياح يستكشفون البلاد بعد عقود من العزلة

زوعا اورغ/ وكالات

في يوم ربيعي من مارس، وقفت الأميركية، إليانا أوفاييه، لالتقاط صورة أمام بوابة عشتار في موقع بابل الأثري العريق في وسط العراق، مع 14 سائحا أجنبيا من بين كثيرين بدأوا بالتوافد إلى بلد فتح للتوّ أبوابه أمام العالم.

فقبل عام، باتت تأشيرة الدخول تُمنح عند الوصول الى بغداد للعديد من الجنسيات الأجنبية، بعد عزلة عقود فرضتها الحروب، أنست العالم مواقعه الأثرية الهامة المدرج بعضها على قائمة اليونسكو للتراث العالمي والتي تنافس دولا مثل مصر وسوريا والأردن.

ويأتي بعض السياح بشكل فردي بينهم صانعو محتوى يستكشفون البلاد وينشرون على “يوتيوب” فيديوهات عن الطعام والسكان والآثار لعشرات الآلاف من متابعيهم، فيما يأتي آخرون ضمن مجموعات سياحية مع شركات محلية خاصة تنظم جولات من بغداد إلى البصرة جنوباً ثم الموصل شمالاً.

العراق يضم الكثير من المواقع الأثرية الهامة

وعدا السياحة الدينية التي تعاني من المشاكل نفسها، القطاع جديد نسبياً على البلاد ولا يزال يفتقر للتنظيم والتمويل والبنى التحتية اللازمة واهتمام الحكومة، كما يقول أصحاب شركات خاصة يجهدون بشكل ذاتي لجذب السياح.

تروي إليانا المقيمة في كاليفورنيا والتي تجول العراق مع شركة “بالعطلة” لتنظيم جولات سياحية، أنها تحلم بزيارة العراق منذ أن تلقّت عنه دروساً في تاريخ الفنون قبل 20 عاماً.

وتقول لفرانس برس: “حين علمت أنه بإمكاننا الحصول على تأشيرة الدخول عند الوصول، جئت حالما استطعت.. أنا متحمسة لأرى كل ما يرتبط بمهد الحضارات”.

وتضيف “أول ما لاحظته هو دفء وكرم وطيبة الشعب العراقي، يرحّبون بك بابتسامة وهم مهذبون جداً وفخورون جداً ببلدهم”.

نقص البنى التحتية

رغم حماسها وشغفها بتاريخ العراق، لاحظت إليانا البالغة 50 عاماً وتعمل بشركة “غوغل”، تهالك البنى التحتية.

السائحون الأجانب أشادوا بحسن استقبال وترحاب العراقيين بهم

ولا تزال بابل التي تحولت إلى قاعدة عسكرية للتحالف الدولي إبان التدخل الأميركي، تحمل ندوب الماضي، وكأنها لم تعتد على الزوار، ويبدو الموقع مهجوراً، فالأعشاب تتصاعد من بعض التفسخات في الأرض والمقاعد المتهالكة المخصصة لجلوس الزوار.

في الجهة الأخرى من الموقع، أعمال بناء وصيانة، عمال بخوذ صفراء وسترات فوسفورية، يحضّرون قطعاً حديدية وإسمنتية، فيما النفايات تتراكم في الأرجاء، والأعشاب البرية والأشواك تطاولت على بعض جدران المدينة الأثرية.

يتحدث الأميركي جاستن غونزاليس (35 عاما) بابتسامة عن تجربته في العراق، ويقول “على موقع حكومتي يوجد تحذير من الذهاب إلى العراق بسبب خطر (الخطف) و(العنف)، لكنني لم أر أيا من ذلك”.

بوابة عشتار .. أحدى محطات الجذب السياحي في العراق

في تسعينات القرن الماضي في زمن الحصار والعقوبات الدولية، أصبح العراقيون في عزلة تامة عن العالم، ولم تنكسر هذه العزلة بعد العام 2003 عقب التدخل الأميركي وإسقاط نظام صدام حسين، فقد تلتها سلسلة من الحروب، جعلت صورة العراق في العالم تقتصر على مشاهد الدمار.

ولا تزال العديد من الحكومات الغربية رسمياً تحذّر رعاياها من السفر إلى العراق، مثل الولايات المتحدة وفرنسا التي يشير موقع وزارة خارجيتها إلى “الخطر الإرهابي” و”خطر الخطف”.

مع ذلك، تسعى بغداد إلى الإقلاع بقطاعها السياحي رغم تحدي النقص في البنى التحتية، وفي هذا الصدد  يقول علي المخزومي صاحب “بالعطلة” التي تنظم منذ 8 أشهر جولات للأجانب “لكي تتطور البنى التحتية لا بد من استثمار للقطاع الخاص في الفنادق ووسائل الراحة والحافلات”.

وتستقبل شركته 30 إلى 40 سائح شهرياً يجولون البلاد لمدة تناهز العشرة أيام.

“اكتشاف بغداد”

في عام 2021، دخل أكثر من 107 آلاف سائح العراق، بينهم أكثر من 300 من فرنسا والنرويج وبريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة و تركيا غيرها، مقابل نحو 30 ألفاً في 2020، بحسب أرقام زوّدت بها هيئة السياحة الحكومية فرانس برس.

الاسكتلندية إيما قضت شهرين مذهلين في العراق

يعمل العراق تدريجاً على ترميم مواقعه الأثرية. أعيد تجديد شارع المتنبي في بغداد بمبادرة مصارف خاصة. أما الشارع الموازي له، شارع الرشيد الذي يحمل الأهمية التاريخية نفسها في قلب المدينة القديمة، فهو عبارة عن ركام ونفايات.

بيوت بغداد القديمة المشيّدة بالطوب العراقي الأصفر متهالكة في معظمها ومعرّضة للانهيار. فتح المتحف الوطني في بغداد أبوابه أيضاً في مارس بعدما كان مغلقاً لثلاث سنوات، فيما ينوي العراق افتتاح أكثر من متحف جديد.

ومدينة أور الأثرية الواقعة في جنوب العراق حيث صلى البابا فرنسيس العام الماضي، طالتها حملة الترميم لمناسبة الزيارة فقط، بينما في محافظة نينوى ومركزها الموصل، دمر تنظيم داعش الإرهابي العديد من المواقع الأثرية الهامة.

مع ذلك، تسعى هيئة السياحة إلى “تأهيل المواقع الأثرية سياحياً”، كإنشاء محطات استراحة، من ضمن أهداف أخرى.

رغم ذلك، يبقى غياب البنى التحتية والخدمات والتنظيم عائقاً بالنسبة لآية صالح وزوجها أحمد اللذين أطلقا شركتهما “سفراتي” قبل نحو عام. تقول آية “قاموا بفتح تأشيرات الدخول عند الوصول لكنهم أبقوا كل شيء آخر معقدا”.

سائحون أجانب يستمتعون بزيارة آثار بابل

وتضيف “نصف رحلة السائح تنقضي في الطريق وعلى نقاط التفتيش. رغم أننا نحمل الموافقات اللازمة، لكن لا فرق، التعب نفسه والانتظار نفسه…ولا توجد جهة نشتكي إليها”.

على “يوتيوب”، تتنوع العناوين: “أفضل بيتزا في العراق”، “شاب أميركي يلتقي بفتاة عراقية”، “اكتشاف بغداد، كم هي خطيرة؟”، “إيما في حديقة الزوراء”.

وإيما الاسكتلندية، واحدة من العديد من صانعي المحتوى الذين بات العراق وجهتهم المفضلة، مع أكثر من 73 ألف متابع على “يوتيوب” وقد زارت العراق مرتين وقضت في زيارتها الأخيرة شهرين متواصلين في البلاد، من بغداد إلى الفلوجة والرمادي والبصرة.

سائح يرصد آثار الدمار في مدينة الموصل

وتتحدث بشغف عن تجربتها “تعتقد أنهم بعد كل ما مروا به، بعد عقود من العزلة والحروب، سيكونون شعباً تعيساً…لكنهم طيبون وكرماء مع الغرباء”.

zowaa.org

menu_en