1. Home
  2. /
  3. الاخبار
  4. /
  5. الوطنية والدولية
  6. /
  7. انطون سابيلا يكتب من...

انطون سابيلا يكتب من سيدني: أهداف وتداعيات العملية الارهابية في نيوزيلاندا

زوعا اورغ/ وكالات

قرأت البيان “المانيفستو” للمنفذ الرئيسي لمذبحة المسجدين في نيوزيلاندا برنتون تارانت وخرجت بعدة نتائج أهمها ما يلي:

برنتون لم يكتب المانيفستو المؤلف من 73 صفحة حيث أنه كان فاشلاً في المدرسة ومن خلفية اجتماعية فقيرة شبه معدمة بسبب وفاة والده في سن 49 عامًا نتيجة اصابته بمرض قاتل في الرئة ناجم عن التعرض للأسبستوس خلال عمله. وبإمكان القول أن برنتون قد تشرد بعد وفاة والده ولا يُعرف عنه أنه كان يتردد على الكنائس ولا أنه من المتدينين. وانتاج هذا المانيفستو بحاجة إلى شخص له معرفة دقيقة بالتاريخ الأوروبي والعثماني وحروب الفرنجة، ولكن هذه المعرفة غير موجودة لدى برنتون.

على ضوء ذلك هناك من كتب له المانيفستو! ويبقى السؤال الكبير من كتب المانيفستو؟ الإجابة في سياق المقالة.

عندما يتحدث المانيفستو (ولا اقول برنتون) عن “الغزو” الاسلامي لأوروبا فهو يحاول جاهدًا دغدغة مشاعر المسيحيين المتدينين وجذبهم إلى حظيرة اليمين المتطرف. ومن المعروف أن هناك فرق بين المتدين من جهة والعنصري والطائفي من جهة أخرى، فرئيس وزرائنا سكوت موريسون متدين لكنه غير عنصري ولا طائفي. وأكثر من 50 في المائة من الغربيين هم اليوم ملحدون ومن المستحيل لليمين المتطرف أن يجذبهم إلى صفوفه، كما من المستحيل أن يجذب المسيحيين العاديين، ولذا فإن الهدف من المانيفستو هو جذب المسيحيين المتدينين لمعسكر المتطرفين لعل وعسى!!

ولكن خاب ظن اليمين المتطرف في مسعاه لإحتواء أو جذب المسيحيين المتدينين، لأن رئيس وزرائنا موريسون كان أول من هاجمهم بقسوة بعد العملية الارهابية ونعتهم بأقذع الأوصاف، أي بكلمات أخرى قال لهم موريسون “لا ترتكبوا الجرائم بإسمنا ولا بإسم استراليا ونيوزيلاندا وحلّوا عنّا”.

وهاجم المانيفستو الاستراليين ووصفهم بالشعب الذي “يهتم فقط بشرب الكحول ومتابعة الرياضة وغير واعِ للغزو الذي تتعرض له البلاد.” وطبعا كان لليسار نصيبه من الهجوم اللاذع وأيضًا وسائل الاعلام اليسارية.

ولا بد هنا من القول أن وسائل الإعلام اليسارية واليمينية المتطرفة لعبت دورً رئيسيًا في شحن طاقات المتطرفين على حد سواء. فالإعلام المتطرف أعطاهم منبرًا لترويج افكارهم بينما الاعلام اليساري كان يهاجم كل شيء يقوله شخص غير يساري حتى لو كان هذا الشخص غير متطرف أو حتى من يسار الوسط مما أغلق الابواب أمام سماع أفكار وأراء ربما لها ما يبررها ودحض الاراء العنصرية.

أما التداعيات فهي خطيرة وأهمها احتمال وقوع اعمال انتقامية، وهذا ما يريده اليمين المتطرف لأن اي عمل انتقامي سوف يجد له “متطوعًا” في اوساط اليمين المتطرف على استعداد حتى لتنفيذ تفجير انتحاري، علمًا أن مصادر امنية في نيو زيلاندا رجحت أن تفخيخ سيارة برنتون ربما لأنه كان ينوي تنفيذ عملية انتحارية.

وبناءً على هذه المصادر الأمنية فإن العملية الإرهابية بدأ التخطيط لها قبل عامين. وهذا يعني أن جهات عالمية ورائها وهي التي كتبت المانيفستو ليشمل اوروبا وامريكا الشمالية وأن المنفذين المحليين كانوا فقط أدواتها. وعلى ضوء ذلك مطلوب عدم الانتقام أو ردود أفعال غير محمودة العواقب وإتاحة المجال للدوائر الأمنية لملاحقة الارهابيين من اي جهة كانت لأن اليمين المتطرف بدأ مسيرته الارهابية حسب ما قاله انصاره عبر صفحاته الاجتماعية: “لقد جاء من يبدأ مسيرتنا”.

كل الضحايا الذين يسقطون بإسم العنصرية أو الدين هم ضحايا أبرياء لا دخل لهم بالسياسة ولا بالخلافات الدينية أو المذهبية، وإنما يسقطون على أيدي من لديهم اجندات سياسية لا تأخذ بعين الاعتبار حق الانسان في العيش الكريم وحقه في ممارسة شعائره الدينية بكل حرية وآمان. وطوبى لصانعي السلام لأنهم ابناء الله يدعون!

 

zowaa.org

menu_en