1. Home
  2. /
  3. الاخبار
  4. /
  5. اخبار شعبنا
  6. /
  7. الآشوريون في سوريا.. أقلية...

الآشوريون في سوريا.. أقلية عرقية تقاوم فيضان الحرب

زوعا اورغ/ وكالات

تعود جذور الآشوريين إلى الإمبراطورية الآشورية التي حكمت بلاد ما بين النهرين قبل ظهور المسيحية بنحو 2500 عام.

ويعد الآشوريون من أقدم الشعوب التي اعتنقت المسيحية منذ القرن الأول الميلادي، وأسهموا في نشر هذه الديانة في مناطق آسيا الوسطى والهند والصين، وفق ما تشير إليه بعض المراجع التاريخية.

ويذكر بعض المؤرخين أن الإمبراطورية الآشورية سقطت قبل الميلاد بنحو 600 عام، وخلال القرون الماضية تعرّض بقايا الآشوريين لمجازر كثيرة، وحاولوا بصعوبة الحفاظ على إرثهم الحضاري، وهويتهم الثقافية، معتمدين بذلك على الكنيسة التي ساعدت في حفظ لغتهم ودفع استمرارهم.

يعيش الآشوريون اليوم كأقليات في بعض مناطق سوريا والعراق، إلى جانب العرب والكرد، ويعبرون عن أنفسهم من خلال بعض الأحزاب السياسية الصغيرة، والجمعيات الثقافية، التي تناضل للخروج بالآشوريين سالمين من صراعات منطقة تغلي بالحروب.

أقلية عرقية دينية تقاوم فيضان الحرب

من جنوب شرقي تركيا إلى الجزيرة السورية كانت رحلة آلاف الآشوريين في عشرينيات القرن الماضي، هربًا من الاضطهاد، وبحثًا عن مأوى آمن على مشارف قراهم المدمرة، وعلى مقربة من موطن حضارتهم القديمة.

فتح الفرنسيون باب سوريا الشمالي الشرقي للسريان الآشوريين، ومنحوهم أراضي ليعيشوا ويستقروا فيها، ليتحولوا إلى أقلية عرقية تضاف إلى بضعة آلاف من السريان الذين كانوا يعيشون بين سكان بعض المناطق السورية.

تقدر مصادر غير رسمية عدد الآشوريين في سوريا بنحو 30 ألفًا قبل الثورة السورية من ضمن نحو مليون ونصف المليون مسيحي، ومن المرجح أن يكون هذا العدد قد تناقص إلى حد ما عقب الحرب، بفعل الهجرات، ونتيجة تعرضهم لهجمات عدة من تنظيم “الدولة الإسلامية”.

لكن الآلاف منهم لا يزالون اليوم يمارسون طقوسهم الدينية ويتحدثون بلغتهم السريانية في كنائسهم المنتشرة في محافظة الحسكة بشكل أساسي، وبعض المناطق السورية على نطاق أضيق.

وغالبًا يقترن اسم الآشوريين بالسريان، وهو الأمر الذي تبرره وحدتهم القومية، فيما يقوم الاختلاف بينهم على الطائفة الدينية، ووفق الكاتب السوري تيسير خلف، فإن السريان هم أتباع الكنيسة السريانية الغربية، والآشوريين هم أتباع الكنيسة السريانية الشرقية التي تسمى أيضًا “نسطورية”.

ويسعى السياسيون الآشوريون إلى تجاوز هذه الخلافات من خلال اعتماد تسمية “السريان الآشوريين”، ويعترض بعض السريان على هذا الخلط، الأمر الذي يعود إلى بعض الحساسيات الطائفية.

تعايش الآشوريون إلى حد كبير مع المكونات السورية الأخرى، على الرغم من محاولة الحفاظ على استمراريتهم وعدم التفريط بصفاء هويتهم، ويرى بعض الناشطين الآشوريين أن حزب البعث اتبع سياسة “تعريبية” تجاههم، وحارب ثقافتهم، ومنعهم من المشاركة السياسية.

أما اليوم، فيحضر الآشوريون على الساحة السياسية عبر بعض الأحزاب السياسية، وأبرزها “المنظمة الآثورية الديمقراطية” المنخرطة في المعارضة السورية، كما يحمل بعض أبنائهم السلاح ضمن فصيلين عسكريين منقسمين بين النظام والمعارضة، فيما يعتمد قسم منهم العمل المدني كوسيلة لحفظ الحقوق والحفاظ على الهوية القومية.

ولعل تلك الانقسامات الداخلية في الساحة الآشورية، تعكس إلى حد ما حالة انقسام وتخبط سورية عامة، لكنها تحمل خطرًا أكبر على السريان الآشوريين كأقلية عرقية دينية يهددها طوفان الحرب في سوريا.

بين الكنيسة والعسكر

المنظمة الآثورية الحامل السياسي الأبرز للسريان الآشوريين

لم يمرر شهر واحد على إطلاق الحزب الكردي الأول في سوريا تحت اسم “الحزب الديمقراطي الكردي”، حتى تلاه الإعلان عن أول حزب آشوري في مدينة القامشلي السورية، متأثرًا بصعود الحركات القومية في المنطقة، وفي محاولة لتحصيل بعض الحقوق الثقافية وتعزيز هويّة أقلية عرقية ودينية ضمن مجموعة المكونات الأخرى للشعب السوري.

جاء تأسيس المنظمة الآثورية عام 1957، “تلبية لحاجة السريان الآشوريين في سوريا لحزب يعبر عن مطالبهم القومية المتمثلة بضرورة الاعتراف بوجودهم وهويتهم القومية، واعتبار لغتهم وثقافتهم السريانية لغة وثقافة وطنية وذلك ضمن إطار وحدة سوريا أرضًا وشعبًا”، بحسب ممثل المنظمة الآثورية الديمقراطية في الائتلاف الوطني السوري، عبد الأحد اسطيفو، الذي أشار في لقاء مع عنب بلدي إلى أن المنظمة “كانت التنظيم السياسي الأول الذي ظهر في صفوف السريان الآشوريين، ليس في سوريا فحسب، وإنما في دول الشرق الأوسط أيضًا”.

ورغم ظهور العديد من الأحزاب السياسية الآشورية السريانية في كل من سوريا والعراق “لكنها لم تبتعد عن رؤية وبرنامج المنظمة”.

يضيف اسطيفو أن المنظمة منذ تأسيسها انتهجت “سبل العمل الديمقراطي السلمي، وربطت نضالها القومي بالنضال الوطني، كما اعتبرت أنه لا يمكن تحقيق المطالب القومية للسريان الآشوريين، وغيرهم من القوميات في سوريا، إلا من خلال نظام ديمقراطي علماني يقوم على أسس العدالة والمواطنة المتساوية والشراكة بين كافة السوريين”.

قمع البعث والبحث عن “الوسطية”

واجهت المنظمة الآثورية، كحزب سياسي يسعى للتغير الديمقراطي، محاولات للقمع والإقصاء في ظل سيطرة حزب البعث الاشتراكي على الحياة السياسية منذ سبعينيات القرن الماضي.

مسؤول المكتب السياسي للمنظمة الآثورية، كابرئيل موشيه كورية، تحدث لعنب بلدي عن وضع الحزب خلال الأعوام الأربعين الماضية، وقال “منذ نشأة المنظمة الآثورية الديمقراطية لم يتم ترخيصها أو الاعتراف بها، وفي ظل حزب البعث لم يكن هناك اعتراف سوى بالأحزاب القومية العربية، لذا من الطبيعي أن وجودها كان في خانة المعارضة”.

وأضاف موشيه كورية “كنا نعيش في ظل منظومة أمنية صارمة، شغلها الشاغل تجفيف الحياة السياسية، وكنا نسعى إلى إنهاء احتكار الحزب الواحد. طالنا القمع السياسي وكوادرها تعرضوا لحملات اعتقال كثيرة”.

ونتيجة لهذا التضييق توجهت المنظمة إلى “القوى الوطنية الديمقراطية ذات الرؤى والأفكار القريبة منها”، وفق ممثل المنظمة في الائتلاف، عبد الأحد اسطيفو، “لتعمل معها من خلال أطر وتحالفات تهدف إلى إحداث تغيير ديمقراطي حقيقي يفضي لبناء دولة ديمقراطية حديثة تكون لكل السوريين”.

ويشير اسطيفو إلى أن “المنظمة كأي تجتمع سياسي عاشت الحوارات والتجاذبات الفكرية بين التيارات اليمينية واليسارية والقومية، وحاولت أن تكون نقطة توازن ووسطية في طروحاتها. أعتقد أنها مازالت محافظة على هذا النهج”.

ووفق ذلك، بقي أعضاء المنظمة بعيدين عن الحياة السياسية في سوريا، ولم يتمكنوا من المشاركة فيها، أو الحصول على أي مناصب سياسية قبل بدء الثورة، بالمقابل شاركت المنظمة في إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي عام 2005، الذي دعا إلى إنهاء حكم آل الأسد.

فرصة الثورة الحذرة

نتيجة القمع الشديد الذي تعرضت له المنظمة الآثورية، كان لا بد أن تنضوي في صفوف الثورة السورية، كفرصة لتحقيق الأهداف التي تأسست من أجلها، لكنها سعت في الوقت ذاته إلى الحفاظ على نهجها الثوري السلمي، وموقعها الوسطي بين التيارات والأحزاب السورية المختلفة.

انخرطت المنظمة في أطر المعارضة بدءًا بالمجلس الوطني وصولًا إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وشاركت في جولات عدة من جنيف.

عبد الأحد اسطيفو
ممثل المنظمة الآثورية الديمقراطية في الائتلاف الوطني السوري

عبد الأحد اسطيفو، الذي يشغل منصب منسق لجنة الانتخابات في وفد هيئة التفاوض السوري في جنيف، أشار إلى أن ذلك الانخراط هو نتيجة تراكمية بالنظر إلى تاريخ الحزب وتبنّيه لأهداف الثورة ومطالبها.

تلك المشاركة القوية في صفوف المعارضة جعلت أعضاءها في موقع تضييق أمني شديد، إذ اعتقل عدد منهم وأقيل آخرون من وظائفهم ومنعوا من السفر.

وكانت قوات النظام اعتقلت المهندس كبرئيل موشيه كورية، مسؤول المكتب السياسي للمنظمة وعضو الأمانة العامة لإعلان دمشق لمدة عامين ونصف، بتهمة الإرهاب والتحريض على العنف لقلب نظام الحكم.

zowaa.org

menu_en